الرئيسية
كيف تصبح أستاذا في خمسة أيام ؟
ربما يظهر السؤال نوعا ما غريبا أو مدهشا لكونه يدخل في مجال خوارق العادات. لكن مع ذلك تبقى للضرورة أحكام .
لقد ألفنا رؤية مثل هذه العناوين لأنها كانت تحملها بعض الكتيبات الموجهة للمبتدئين في مجال تعلم اللغات الأجنبية.
(تعلم اللغة الفرنسية في خمسة أيام فقط و بدون معلم) . و عرفنا أن الغرض من ذلك هو تحقيق مبيعات كثيرة بالإضافة إلى تحفيز المتعلمين على تعلم اللغات من خلال الترجمة.
لكن أن يمر أمام عينيك العنوان التالي: "سيخضع الأساتذة الموظفين بموجب عقود إلى تدريب مدته خمسة أيام! "
فهذا الكلام يحتاج وقتا طويلا كي يستوعب فحواه.
صحيح أن التوظيف بموجب عقود في مجال التعليم ليس وليد اليوم بل سبق اعتماده في السنوات القليلة الأخيرة بعد مخاض عسير بين النقابات التعليمية و الأساتذة المتدربين و الوزارة الوصية.
لقد جاء التوظيف بالعقدة ليحل عقدة و أزمة التوظيف في المغرب الذي أصبح الحصول فيه على وظيفة قارة ليس بالأمر الهين.فتم الترحيب به من قبل غالبية المجتمع و استنكره أهل التعليم و التربية لأنهم أدرى بشعابها.
لقد دخل نظام التوظيف عصر السرعة من بابه الواسع خصوصا في ميدان التربية و التعليم. و أضحى لزاما القبول بالوصفات السريعة و المنتوجات الجاهزة لسد الخصاص الذي تعانيه المؤسسات من حيث الأساتذة في أرجاء المعمور.
و يظهر ذلك جليا من خلال المقاربة الجديدة في نظام توظيف الأساتذة بموجب عقود ، بحيث بعد نجاح الأساتذة الجدد في مباراة التعليم بشقيها الكتابي و الشفوي بموجب عقود في مختلف المديريات الإقليمية
سيخضعون إلى تدريب أولي عمره خمسة أيام في أغلب المديريات الإقليمية.
الأمر الذي يدعو إلى الغرابة و الدهشة في الوقت ذاته.
فهل يمكن تلخيص كل مجزوءات تكوين و تحضير الأساتذة في مدة خمسة أيام فقط ؟
لقد كان نظام التربية و التكوين القديم يعتمد سنتين ضوئيتين كاملتين لإعداد الأساتذة لمهنة و وظيفة التعليم بحيث كان يخضع الطلبة إلى تدريبات نظرية في المضامين مختلف المواد المدرسة المتعلقة بتخصصاتهم بالإضافة إلى مادة التشريع التربوي و الإداري و مستجدات التربية و التكوين.
و مادة علوم التربية التي يتعرف فيها الطلبة على كل ماله علاقة بعالم التدريس و البيداغوجيا و الديداكتيك ، فخلال هذا التكوين يكتشف الطلبة المعلمين مختلف نظريات التعلم الأساسية و الجهاز المفاهيمي الذي يتم توظيفه في مجال قيادة المتعلمين الشيء الذي كان يساعدهم على استيعاب الفعل التربوي بالدراسة و التحليل بشكل مقبول بعيدا عن الإرتجال و العشوائية ، كما كان الطلبة المتدربين يطلون على نافذة علم النفس التربوي ليكتشفون العالم الغريب للطفل و خلال هذه الفترة من التكوين يكتسبون تقنيات و أساليب التعامل مع المتعلمين بالإضافة إلى تعرف مختلف الخصائص و الجوانب النفسية و الإنفعالية و طرق إدراكهم و اكتسابهم للمعارف. الأمر الذي سيساعد هؤلاء الأساتذة على فهم شخصية الطفل أولا و بعد ذلك معرفة سبيل تعليمه و تربيته بشكل أمثل.
كما كان الطلبة يكملون الشق الثاني من التكوين في السنة الثانية من تدريبهم باستئناف التدريب النظري إلى جانب التدريب التطبيقي ميدانيا في المدارس التطبيقية ، و خلال هذه الفترة من التكوين كان الطلبة المتدربين ينجزون مجموعة من الدروس و البحوث التي كانت تجعل منهم أفرادا قادرين على تحمل مسؤوليات التدريس و ذلك بالتحكم في زمام الأمور بعد التخرج و التعيين بعيدا عن كل المشاكل التي قد تضايقهم و تعترضهم في عملهم.
و في نهاية السنة الثانية من التكوين ،كان الطلبة المتدربون يجتازون نوعين من الإختبارات قبل التخرج.
الأول نظري و الثاني في الكفاءة التربوية، إذ خلال هذا الإختبار يمر الطلبة أمام لجنة تختبرهم في مدى امتلاكهم للقدرات و الكفايات اللازمة للقيام بالمهام التي ستناط بهم مستقبلا.
بعد اجتياز الطلبة تكويناتهم بنجاح ، يتم تسليمهم دبلومات التدريس، و يكونون حينها على أهبة الإستعداد للتعيين و ما أدراك ما ذلك التعيين.
لقد كان الأساتذة الجدد في عالم التدريس و التربية يواجهون صعوبات جمة بمجرد التحاقهم بمدارسهم لسنوات رغم خضوعهم إلى هذه الفترة الكاملة من التدريب و التي أصبح ينظر إليها حاليا على أنها طويلة .
و ذلك راجع إلى كون عملية التدريس ليس بالعملية السهلة فهو آلية جد مركبة تتفاعل فيها الجوانب النفسية و التربوية و الإجتماعية و التقنية.
خلال عملية التدريس يجبر الأستاذ على التفاعل و الإندماج مع جماعة القسم المكونة من تلاميذ يتميزون بفروقات فردية عديدة فيزيولوجيا و نفسيا و اجتماعيا و معرفيا بالإضافة إلى المحتوى أو المواد المدرسة.
و في هذه الحالة يستوجب على الأستاذ أن يكون ملما بما يقدم من معارف إلى تلاميذه أولا ثم تقنيات و أساليب أداء الدرس الناجح و الفعال.
هذا بالإضافة إلى الإهتمام بتحقيق الأهداف و الكفايات التربوية المتوخاة من الدروس بتوظيف كل المعينات التعليمية و التربوية اللازمة مع احترام المدة الزمنية المخصصة للحصة التعلمية أو الدرس.
كما كان من الضرورة بمكان على هذا الأستاذ العمل على إشراك متعلميه في عملية التعلم قصد تدريبهم على حل المشكلات و الصعوبات التي تعترضهم في مختلف المواد المدرسة.
في نهاية هذه السنة الدراسية 2016-2017 م ،أصبحنا نصادف عناوين جد مثيرة و غريبة في الوقت ذاته في العديد من صفحات الجرائد الوطنية و المواقع الإلكترونية حول إعداد الأساتذة الموظفين بموجب عقود للتدريس من خلال تكوين سريع جدا في جو من الإزدحام و الإكتظاظ.
فهل تعتبر هذه المدة كافية لتكوين الأساتذة حتى و إن تجاوزت الخمسة أيام التي سبق ذكرها آنفا؟
هل ستجعلهم يحيطون بخبايا نظريات التعلم؟ و تعرف كفايات المدرس و أخلاقية مهنة التدريس و كذا التدرب بشكل أمثل على استخدام الوسائل و المعينات التربوية لتقديم الدروس؟
بالإضافة إلى امتلاك كفايات التخطيط للدروس بشكل جيد ؟
أو حتى تعرف أبجديات صياغة المفاهيم و الكفايات التربوية و غير ذلك من مختلف البيداغوجيات المعتمدة في الحقل التربوي و التعليمي ناهيك على مختلف الطرق و التقنيات اللازمة ليكون الأستاذ الجديد قادرا على مواجهة صعوبات عملية التدريس يكفاءة و مهنية.
إن عملية تحضير أستاذ في خمسة أيام لا تكفي حتى في تحضير اختبار للمراقبة المستمرة أو رائز التقويم التشخيصي الذي يجتازه التلاميذ في مطلع كل سنة دراسية.
إذ الغريب في الأمر هو أن الأساتذة سيجتازون التداريب النظرية ، لكن متى سيطبقون ما تدربوا عليه في خمسة أيام ؟ و خصوصا أن التلاميذ يخلدون إلى الراحة في عطلتهم الصيفية .
إن التصور الذي اعتمد في عملية تحضير الأساتذة في هذا الظرف الوجيز من الزمن أشبه بالمخاطرة و المجازفة في قطاع حيوي يتطلب نوعا من التدبير و التخطيط و التريث قبل اتخاذ قرارات و تدابير مصيرية في حق العنصر البشري بصفته رأسمال مهم في التنمية البشرية.
أفيصح بالمقابل أن ندرب جنديا أو شرطيا أو طبيبا في شهر واحدا و نسلمه مسؤوليات جسيمة و نأتي في النهاية لنحاسبه و نحن ندري مسبقا أن مهمته كانت مستحيلة ؟ و أن نحن من كنا السبب في توريطه و ذلك عن طريق تكليفه بمهام تتطلب نوعا من التدريب و الإعداد بشكل أمثل.
لعل كل ممارس في الحقل التربوي ستحيره العديد من التساؤلات الفضولية المشروعة من الناحية العلمية بصفته جزءا في المعادلة و غيورا على قطاع التربية و التعليم.
و بالمناسبة هل تتجاوب المقاربة الجديدة في التوظيف و التكوين و مضامين الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015 -2030 م و كذا ما جاءت به التدابير ذات الأولوية ؟
و هل هذه الإجراءات المتخذة في عملية التوظيف بموجب عقود و حرق المراحل في التكوين سترفع من جودة التعليم في ظرف 12 سنة من عمر الرؤية الإستراتيجية للإصلاح ؟ أم سيتم دق طبول الخطر و نواقيس الإنذار من جديد في سنة 2020 م لندخل غرفة المستعجلات و الإنعاش بعدما يتم التوصل إلى كون الرؤية الإصلاحية بدت معتمة و الوصول إلى أهدافها بات شبه مستحيل.
و من منظور التجريب و التخمين . إذا وفقنا في السياسة الجديدة المعتمدة في التوظيف في قطاع التربية و التعليم التي سيبدأ يفوح أريجها في غضون العشر سنوات المقبلة على أبعد تقدير.
سيصبح المغرب أول دولة تخرج على المألوف و تتخطى المراحل في عالم تحضير الأساتذة و سنكون قد و فرنا المال و استثمرنا الأعمال.
بقلم: ذ.عبد الواحد المالكي.
» المواطنة في زمن كورونا بالمغرب -بقلم ذ,عبد الواحد المالكي
» من عمق الواقع بقلم أميمة لقنيني
» نظرية التبادل الاجتماعي بقلم نور الصباح بو_ من الجزائر
» الدين والسياسة :جدلية الاتصال والانفصال - بقلم عبد الواحد المالكي
» سوسيولوجيا الثقافة
» رابط تحميل الويندوز sp3+ clé d'activation
» سوسيولوجيا التربية
» النظرية الصراعية والوظيفية في علم الاجتماع
» المنهج السيميائي
» المنهج البنيوي ،جذوره ومفاهيمه
» دور كايم (إميل ) 1917-1858
» علم اجتماع التنمية
» نقد الحداثة بعيون علم اجتماع المخاطر
» الأنثروبولوجيا . ما هو ؟ وما أهميته؟
» التعريف بعلم النفس
» نبذة مختصرة حول أوجست كونت
» بحث حول المدرسة
» الاقتصاديات العربية و التنمية المعطوبة.
» رابط موقع تعليمي خاص بجميع الأسلاك التعليمية
» الجدول الصيني لمعرفة نوع الجنين بالميلادي
» كيف تصبح أستاذا في خمسة أيام ؟
» تحميل برنامج الكتابة على الفيديو
» فرض في مادة الرياضيات - المستوى 4 - المرحلة 4
» ملخص نظريات سوسيولوجية معاصرة -لطلبة علم الاجتماع
» ملخض سوسيولوجيا التنظيمات لطلبة السنة الأولى علم اجتماع- الفصل 2
» رابط ملخصات مهمة لمحاضرات في علم اجتماع السكان
» صفحة الموقع على الفايسبوك
» espace associatif d'échange et de partage
» الفلسفة في مواجهة الأسطورة لجون بيير فيرنان
» نبذة مختصرة حول علم الإجتماع
» إعلان هام للأساتذة:دورة تكوينية عن بعد حول" المعالجة البيداغوجية "لمديرية جيني
» ما المقصود بعلم الإجتماع ؟
» نبش في مسار المرصد المدني لحقوق الإنسان بآسفي
» ضمانات التأديب و شروط الطعن الإداري
» العقوبات التأديبية
» أحقية الاستفادة من السكن الإداري
» الإطلاع على نقطة الامتحان المهني
» توقيع النشرات و المذكرات
» مراسلة الإدارة
» الطعن في النقطة الإدارية
» ضمانات الموظف في مجال الترقية
» توزيع تلاميذ معلم متغيب على باقي الأقسام
» آداب الطريق
» أهمية العلم في حياة الفرد و المجتمع
» ما أهمية الصدق
» كلام في الخيانة
» كلام في الخيانة
» ما أهمية الوفاء
» معنى الوفاء
» التقويم التشخيصي لجميع المستويات
» برامج تعليمية حول العمليات الأربع
» منهجية اللغة العربية لجميع مستويات التعليم الإبتدائي
» 50phrases pour communiquer en cours de langue
» روابط ثمانية مواقع للتتكوين عن بعد مجانا
» رابط برنامج تعلمي بالفرنسية لتلاميذ المستوى الرابع
» صدور مذكرة الإمتحان المهني شتنبر 2016
» le lien d'un quiz pédagogique
» صناعة الصور المتحركة
» vidéo faite par camtasia
» not stop formation des enseignants
» un bon site pour les profs à ne pas rater
» تعريف الوضعية المشكلة و كيفية توظيفها بالممارسة الصفية
» الامتحان المهني 2016 م
» تكنولوجيا التعليم
» رابط موقع سيعجبكم
» فرصة أخرى للهجرة الشرعية إلى كندا
» site du soutien libre en français
» site de communication
» les principales fonctions de l'évaluation en éducation
» قصيدة أمير الشعراء "قم للمعلم و فه التبجيلا" كاملة
» النتائج النهائية لامتحانات الكفاءة المهنية برسم سن .. - 7 ماي 2016 م
» عناوين أبرز الصحف الصادرة اليوم الجمعة 6 ماي 2016 م
» الجديد عن الامتحان المهني 2015 م
» سبب تأخر نتائج الامتحان المهني دورة شتنبر 2015
» Les 10 règles pour arrêter de fumer
» توضيع حول سبب تأجيل الوقفة الإحتجاجية التي أعلنها سكان المناقرة الحدادة أمام وكالة توزيع الكهرباء و الجماعة المحلية
» عناوين جمعيات مغربية ذوي الاحتياجات الخاصة
» رابط موقع مديرية سيدي بنور
» رابط تحميل منتدى مربي اللأجيال
» صدور مذكرة الوزارية 20 أبريل 2016 - الحركة الانتقالية
» لا تبق مجرد زائر فقط
» pour développer votre niveau en français
» عناوين جمعيات فرنسية
» فيديو نشيد عليك مني السلام
» شروط الاستفادة من الخدمات
» حقوق الملكية الفكرية لمؤسس منتدى مربي الأجيال
» un proverbe français
» site de proverbes français
» موقع تعلم اللغة الإنجليزية بالصوت