نقد الحداثة بعيون علم اجتماع المخاطر
لماذا نقد الحداثة ؟
هكذا أبدأ مقالي بسؤال ، الإجابة عنه ستوضح بجلاء أهمية وجود ما يسمى بعلم اجتماع المخاطر ليعكف على فهم وتفسير هذا العالم المأزوم ، عالمنا اليوم ! .
فلماذا إذن نقد الحداثة ؟ ، و لماذا الحديث عن ما بعد الحداثة ؟! ، ولماذا يصر البعض على إقناع الآخرين بأنهم يعيشون اليوم عصر المابعديات ؟ وهل ( ما بعد ) تعني الاستمرارية مع المراجعة أم القطيعة مع التراجع أم تعني الندية والضدية والعداوة الفكرية ؟! .. فرغم التساؤلات الكثيرة التي قد نطرحها هنا إلا أننا على قناعة جميعنا بأن نقد الحداثة جاء كرد فعل على تلك الممارسات الخاطئة والمغامرة للإنسان الحداثي والمبنية على فلسفة ( المخاطرة ) ، ما أفضى إلى نتائج ( خطيرة ) متجسدة في شتى ( الأخطار ) المحلية و العالمية ، جعلت سمة عصرنا اليوم هي : الخطر المحتوم و الأمان المفقود ! .
إذ وقف الكثير من النقاد السياسيين والمفكرين ومنظري مابعد الحداثة أمثال يورغن هابرماس و نعوم تشومسكي و سيجموند بومان وأولريش بيك وأنتوني جيدنز ونيكلاس لومان وألان توران و غيرهم .. وقفة المتأمل في حال عالمنا اليوم الذي بات مأزوما و متصدعا على المستويين معا ، النظرية و الواقع ، فنقاد الحداثة الغربية في مجملهم قد أجمعوا على أن عصر الحداثة بكل آلياته الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الثقافية قد انتهى بالعالم إلى : وهدة الخطر ! .
فحينما كتب عالم الاجتماع البولندي سيجموند بومان عن (الحداثة السائلة ) ناقدا تلك الحالة من السيلان الاجتماعي
و الثقافي و السياسي و الاقتصادي التي وصل اليها عصرنا اليَوْم بفعل الحداثة المتأزمة والتي جعلت كل شيء حولنا سائلا ! ، نجد من ناحية محاذية الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورغن هابرماس في نقده للحداثة قد أعلن عن أن مشروع الحداثة ذاك لازال لم يكتمل بعد ! ، ليتفطن العالم على صيحة عالم الاجتماع الألماني أولريش بيك و هو يزجر باحثا عن الأمان المفقود ! من خلال كتابه ( مجتمع المخاطرة العالمي : بحثا عن الأمان المفقود ) .. فنقد الحداثة إذن ترتب عن تلك المخاطر (Risks) و الأخطار ( Dangers) التي أوقعنا في شراكها ذلك العقل الحداثي . بيد أننا أيضا عاكفون من الجهة المقابلة على محاولة فهم و تفسير الواقع المتغير الجديد ، فنقاد الحداثة في وطننا العربي الاسلامي قد عكفوا هم أيضا على محاولة فهم تلك التغيرات الناجمة عن عصر الحداثة و البحث عن مداخل و مفاهيم جديدة لتفسير الواقع الجديد أمثال المفكرة المصرية و أستاذة العلوم السياسية هبة رؤوف عزت التي كتبت ( نحو عمران جديد ) من خلال نقدها للحداثة الغربية و دعوتها الى تحليل الواقع الجديد بمفاهيم إسلامية تعبر عن السياق الزمكاني للظاهرة المجتمعية . في حين نجد المفكر الفلسطيني و الباحث في تاريخ الفكر الاسلامي وائل حلاق يكتب عن ( الدولة المستحيلة ) ناقدًا للحداثة الغربية التي وقفت عثرة في طريق تحقيق الحكم الاسلامي ، كما نجد أيضا المفكر الجزائري و أستاذ علم الاجتماع نور الدين زمام من خلال ما كتب عن ( القوى السياسية و التنمية ) يطرح مدخلا أو مقاربة لفهم و تفسير الواقع الحداثي - السياسي من خلال مفهوم النخبة .. و غيرهم من المفكرين العرب والمسلمين اللذين عكفوا على نقد الحداثة الغربية و طرح مقاربات محلية لفَهْم و تفسير الواقع العربي الاسلامي اليوم .
خاصة و أننا اليوم ، بعد الربيع العربي المزعوم كنقطة انعطاف رسمت خارطة طريق جديدة بتنا نشهد ملامحها عن قرب و من داخل النسق العام ، فإنني من وجهة النظر السوسيولوجيّة أجد أن الأزمة التي تحدثنا عنها مرارا و تكرارا و التي مست النظرية السوسيولوجيّة الحديثة منذ الخمسين سنة الماضية قد لحقتها اليوم أزمة فعلية على مستوى ( التجمع الإنساني ) في حد ذاته ! و هو موضوعنا البارز في علم الاجتماع .
فحينما يتجه العالم نحو رسم خارطة جيو-سياسية جديدة فإن ذلك سيتبعه حتما (حسب ما أراه اليوم كتغير اجتماعي جديد سيستلزم مع الوقت الدراسة و التفسير ) رسم آخر ليس على المستوى الجيوسياسي فحسب و إنما على المستوى الاجتماعي كذلك ، أو دعوني أقولها بلفظة ابن خلدون أي ( على مستوى العمران البشري و التجمع الإنساني ) ، فاليوم نشهد أزمة تجمع إنساني ، كما نشهد ملامح عمران بشري جديد لعب فيه اللجوء السياسي الغير مسبوق كما و نوعا على خلفية الربيع العربي و تدفق أعداد كبيرة جدا من المهاجرين خاصة المشارقة من مناطق تجمعهم الأصلية نحو مناطق جديدة ( أوروبا ، افريقيا ، أمريكا ..) خاصة أوروبا و التي لم تعرف من قبل قط هذا العدد الهائل من المهاجرين فرادى و عائلات بل عشائر بأكملها تجسدت على أرض اوروبا من طوائف مختلفة ، و كل هذا إن استقر بالمكان فترة أطول سيشكل بداية تكوين تجمعات إنسانية صغيرة بمعايير جديدة مختلفة ستلعب فيها الهوية الزمكانية دورا بالغ الأهمية في تشكلها .
فقضية أو أزمة اللاجئين المسلمين اليوم تعد خطرا ( danger) يفتك بالمهاجرين أنفسهم في نسق هوياتهم و ثقافاتهم و معتقداتهم و علاقاتهم و تجمعاتهم الاجتماعية بأنماطها المعيشية ذات الخصوصية ، فهو من أبرز الأخطار الاجتماعية - الثقافية التي تجسدت بفعل : فلسفة المخاطرة الحداثية .
فالمخاطرة ( risk) كسلوك انتهجه الرجل الأبيض بحثا عن اللذة و المنفعة القصوى و تحقيق الربح السريع على حساب الأجيال المقبلة و على حساب الأمن و السلام العالمي الحاضر ، قد أرغمنا على القعود جنبا بجنب اليوم لنحصي مخلفات تلك المخاطرة و المتمثّلة في بعبع الأخطار ( dangers) التي أحاطت بالجنوب و الشمال ، فقرائهم و أغنيائهم على حد سواء ( الكوارث البيئية لاسيما ثقب الأوزون ، تناقص الثروة الباطنية ، الاٍرهاب الدولي ، الحروب الأهلية ، الجوع و الفقر ، الأوبئة و الفيروسات الفتاكة ، الأسلحة الكيمياوية ، التجارب النووية ، تصاعد النعرة القومية و التمييز العرقي ، صناعة التطرّف الديني ، التمزق الهوياتي ...الخ ) .
فعلا ، فعالمنا اليوم بسبب تلك الفلسفة العقلانية للحداثة قد بات مهددا باستمرار و محاطا بجمة من الحالات أصفها ب : التشرد الجسداني ، الضياع الهوياتي ، التوحش السياسي ، البؤس الاقتصادي ..الخ ، و كل تلك أخطار نجمت عن حالة الحداثة التي ننتمي إليها كلنا و لكن بدرجات متفاوتة . حتى أن العقل الاسلامي بات عقلا حداثيًّا ، فالحداثة حالها كالجراد الذي لا يبقي و لا يذر ! ،
و كنت قد طرحت في مقال سابق رؤية في نقد الحداثة بيد أنني لم أنقد الحداثة ذاتها بقدر ما نقدت العقل الاسلامي الحداثي و ذلك بالدعوة إلى ما أسميته ( تنضيد العقل الاسلامي الحداثي ) ، فالعقل الاسلامي قد تبعثرت جزيئاته بفعل احتكاكه بالعقل الحداثي الغربي فأصبح هو الآخر عقلا اسلاميا حداثيًّا ! ، و نحن مسؤولون بالدرجة الأولى عن تشرذم العقل الاسلامي الذي هو خاصتنا ، كما نحن أيضا نتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية عن المخاطر و الأخطار الواقعون فيها لاسيما على المستوى الهوياتي - السيادي . فلذلك أنا لا أقول ولا أجزم أن الحداثة هي المسبب الوحيد أو المسبب الأول و الرئيس في ذلك ، و إنما هي في شمولها لعبت دورا كبيرا في إغراق العالم في فرسخ من المشاكل و الإخفاقات لا حصر لها ، إلا أن الذات أيضا مسؤولة عن ما آل إليه العالم اليوم ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم 41 . و عليه أقول أن الذات الاسلامية هي أيضا تتحمل اليوم نصيبا من المسؤولية إزاء إخفاقات هذا العالم المأزوم محليا و عالميا معا ، فكلنا داخل هذا النسق الحداثي شركاء في : صناعة الخطر .
د/ لبنى لطيف
لماذا نقد الحداثة ؟
هكذا أبدأ مقالي بسؤال ، الإجابة عنه ستوضح بجلاء أهمية وجود ما يسمى بعلم اجتماع المخاطر ليعكف على فهم وتفسير هذا العالم المأزوم ، عالمنا اليوم ! .
فلماذا إذن نقد الحداثة ؟ ، و لماذا الحديث عن ما بعد الحداثة ؟! ، ولماذا يصر البعض على إقناع الآخرين بأنهم يعيشون اليوم عصر المابعديات ؟ وهل ( ما بعد ) تعني الاستمرارية مع المراجعة أم القطيعة مع التراجع أم تعني الندية والضدية والعداوة الفكرية ؟! .. فرغم التساؤلات الكثيرة التي قد نطرحها هنا إلا أننا على قناعة جميعنا بأن نقد الحداثة جاء كرد فعل على تلك الممارسات الخاطئة والمغامرة للإنسان الحداثي والمبنية على فلسفة ( المخاطرة ) ، ما أفضى إلى نتائج ( خطيرة ) متجسدة في شتى ( الأخطار ) المحلية و العالمية ، جعلت سمة عصرنا اليوم هي : الخطر المحتوم و الأمان المفقود ! .
إذ وقف الكثير من النقاد السياسيين والمفكرين ومنظري مابعد الحداثة أمثال يورغن هابرماس و نعوم تشومسكي و سيجموند بومان وأولريش بيك وأنتوني جيدنز ونيكلاس لومان وألان توران و غيرهم .. وقفة المتأمل في حال عالمنا اليوم الذي بات مأزوما و متصدعا على المستويين معا ، النظرية و الواقع ، فنقاد الحداثة الغربية في مجملهم قد أجمعوا على أن عصر الحداثة بكل آلياته الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الثقافية قد انتهى بالعالم إلى : وهدة الخطر ! .
فحينما كتب عالم الاجتماع البولندي سيجموند بومان عن (الحداثة السائلة ) ناقدا تلك الحالة من السيلان الاجتماعي
و الثقافي و السياسي و الاقتصادي التي وصل اليها عصرنا اليَوْم بفعل الحداثة المتأزمة والتي جعلت كل شيء حولنا سائلا ! ، نجد من ناحية محاذية الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورغن هابرماس في نقده للحداثة قد أعلن عن أن مشروع الحداثة ذاك لازال لم يكتمل بعد ! ، ليتفطن العالم على صيحة عالم الاجتماع الألماني أولريش بيك و هو يزجر باحثا عن الأمان المفقود ! من خلال كتابه ( مجتمع المخاطرة العالمي : بحثا عن الأمان المفقود ) .. فنقد الحداثة إذن ترتب عن تلك المخاطر (Risks) و الأخطار ( Dangers) التي أوقعنا في شراكها ذلك العقل الحداثي . بيد أننا أيضا عاكفون من الجهة المقابلة على محاولة فهم و تفسير الواقع المتغير الجديد ، فنقاد الحداثة في وطننا العربي الاسلامي قد عكفوا هم أيضا على محاولة فهم تلك التغيرات الناجمة عن عصر الحداثة و البحث عن مداخل و مفاهيم جديدة لتفسير الواقع الجديد أمثال المفكرة المصرية و أستاذة العلوم السياسية هبة رؤوف عزت التي كتبت ( نحو عمران جديد ) من خلال نقدها للحداثة الغربية و دعوتها الى تحليل الواقع الجديد بمفاهيم إسلامية تعبر عن السياق الزمكاني للظاهرة المجتمعية . في حين نجد المفكر الفلسطيني و الباحث في تاريخ الفكر الاسلامي وائل حلاق يكتب عن ( الدولة المستحيلة ) ناقدًا للحداثة الغربية التي وقفت عثرة في طريق تحقيق الحكم الاسلامي ، كما نجد أيضا المفكر الجزائري و أستاذ علم الاجتماع نور الدين زمام من خلال ما كتب عن ( القوى السياسية و التنمية ) يطرح مدخلا أو مقاربة لفهم و تفسير الواقع الحداثي - السياسي من خلال مفهوم النخبة .. و غيرهم من المفكرين العرب والمسلمين اللذين عكفوا على نقد الحداثة الغربية و طرح مقاربات محلية لفَهْم و تفسير الواقع العربي الاسلامي اليوم .
خاصة و أننا اليوم ، بعد الربيع العربي المزعوم كنقطة انعطاف رسمت خارطة طريق جديدة بتنا نشهد ملامحها عن قرب و من داخل النسق العام ، فإنني من وجهة النظر السوسيولوجيّة أجد أن الأزمة التي تحدثنا عنها مرارا و تكرارا و التي مست النظرية السوسيولوجيّة الحديثة منذ الخمسين سنة الماضية قد لحقتها اليوم أزمة فعلية على مستوى ( التجمع الإنساني ) في حد ذاته ! و هو موضوعنا البارز في علم الاجتماع .
فحينما يتجه العالم نحو رسم خارطة جيو-سياسية جديدة فإن ذلك سيتبعه حتما (حسب ما أراه اليوم كتغير اجتماعي جديد سيستلزم مع الوقت الدراسة و التفسير ) رسم آخر ليس على المستوى الجيوسياسي فحسب و إنما على المستوى الاجتماعي كذلك ، أو دعوني أقولها بلفظة ابن خلدون أي ( على مستوى العمران البشري و التجمع الإنساني ) ، فاليوم نشهد أزمة تجمع إنساني ، كما نشهد ملامح عمران بشري جديد لعب فيه اللجوء السياسي الغير مسبوق كما و نوعا على خلفية الربيع العربي و تدفق أعداد كبيرة جدا من المهاجرين خاصة المشارقة من مناطق تجمعهم الأصلية نحو مناطق جديدة ( أوروبا ، افريقيا ، أمريكا ..) خاصة أوروبا و التي لم تعرف من قبل قط هذا العدد الهائل من المهاجرين فرادى و عائلات بل عشائر بأكملها تجسدت على أرض اوروبا من طوائف مختلفة ، و كل هذا إن استقر بالمكان فترة أطول سيشكل بداية تكوين تجمعات إنسانية صغيرة بمعايير جديدة مختلفة ستلعب فيها الهوية الزمكانية دورا بالغ الأهمية في تشكلها .
فقضية أو أزمة اللاجئين المسلمين اليوم تعد خطرا ( danger) يفتك بالمهاجرين أنفسهم في نسق هوياتهم و ثقافاتهم و معتقداتهم و علاقاتهم و تجمعاتهم الاجتماعية بأنماطها المعيشية ذات الخصوصية ، فهو من أبرز الأخطار الاجتماعية - الثقافية التي تجسدت بفعل : فلسفة المخاطرة الحداثية .
فالمخاطرة ( risk) كسلوك انتهجه الرجل الأبيض بحثا عن اللذة و المنفعة القصوى و تحقيق الربح السريع على حساب الأجيال المقبلة و على حساب الأمن و السلام العالمي الحاضر ، قد أرغمنا على القعود جنبا بجنب اليوم لنحصي مخلفات تلك المخاطرة و المتمثّلة في بعبع الأخطار ( dangers) التي أحاطت بالجنوب و الشمال ، فقرائهم و أغنيائهم على حد سواء ( الكوارث البيئية لاسيما ثقب الأوزون ، تناقص الثروة الباطنية ، الاٍرهاب الدولي ، الحروب الأهلية ، الجوع و الفقر ، الأوبئة و الفيروسات الفتاكة ، الأسلحة الكيمياوية ، التجارب النووية ، تصاعد النعرة القومية و التمييز العرقي ، صناعة التطرّف الديني ، التمزق الهوياتي ...الخ ) .
فعلا ، فعالمنا اليوم بسبب تلك الفلسفة العقلانية للحداثة قد بات مهددا باستمرار و محاطا بجمة من الحالات أصفها ب : التشرد الجسداني ، الضياع الهوياتي ، التوحش السياسي ، البؤس الاقتصادي ..الخ ، و كل تلك أخطار نجمت عن حالة الحداثة التي ننتمي إليها كلنا و لكن بدرجات متفاوتة . حتى أن العقل الاسلامي بات عقلا حداثيًّا ، فالحداثة حالها كالجراد الذي لا يبقي و لا يذر ! ،
و كنت قد طرحت في مقال سابق رؤية في نقد الحداثة بيد أنني لم أنقد الحداثة ذاتها بقدر ما نقدت العقل الاسلامي الحداثي و ذلك بالدعوة إلى ما أسميته ( تنضيد العقل الاسلامي الحداثي ) ، فالعقل الاسلامي قد تبعثرت جزيئاته بفعل احتكاكه بالعقل الحداثي الغربي فأصبح هو الآخر عقلا اسلاميا حداثيًّا ! ، و نحن مسؤولون بالدرجة الأولى عن تشرذم العقل الاسلامي الذي هو خاصتنا ، كما نحن أيضا نتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية عن المخاطر و الأخطار الواقعون فيها لاسيما على المستوى الهوياتي - السيادي . فلذلك أنا لا أقول ولا أجزم أن الحداثة هي المسبب الوحيد أو المسبب الأول و الرئيس في ذلك ، و إنما هي في شمولها لعبت دورا كبيرا في إغراق العالم في فرسخ من المشاكل و الإخفاقات لا حصر لها ، إلا أن الذات أيضا مسؤولة عن ما آل إليه العالم اليوم ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم 41 . و عليه أقول أن الذات الاسلامية هي أيضا تتحمل اليوم نصيبا من المسؤولية إزاء إخفاقات هذا العالم المأزوم محليا و عالميا معا ، فكلنا داخل هذا النسق الحداثي شركاء في : صناعة الخطر .
د/ لبنى لطيف
لماذا نقد الحداثة ؟
هكذا أبدأ مقالي بسؤال ، الإجابة عنه ستوضح بجلاء أهمية وجود ما يسمى بعلم اجتماع المخاطر ليعكف على فهم وتفسير هذا العالم المأزوم ، عالمنا اليوم ! .
فلماذا إذن نقد الحداثة ؟ ، و لماذا الحديث عن ما بعد الحداثة ؟! ، ولماذا يصر البعض على إقناع الآخرين بأنهم يعيشون اليوم عصر المابعديات ؟ وهل ( ما بعد ) تعني الاستمرارية مع المراجعة أم القطيعة مع التراجع أم تعني الندية والضدية والعداوة الفكرية ؟! .. فرغم التساؤلات الكثيرة التي قد نطرحها هنا إلا أننا على قناعة جميعنا بأن نقد الحداثة جاء كرد فعل على تلك الممارسات الخاطئة والمغامرة للإنسان الحداثي والمبنية على فلسفة ( المخاطرة ) ، ما أفضى إلى نتائج ( خطيرة ) متجسدة في شتى ( الأخطار ) المحلية و العالمية ، جعلت سمة عصرنا اليوم هي : الخطر المحتوم و الأمان المفقود ! .
إذ وقف الكثير من النقاد السياسيين والمفكرين ومنظري مابعد الحداثة أمثال يورغن هابرماس و نعوم تشومسكي و سيجموند بومان وأولريش بيك وأنتوني جيدنز ونيكلاس لومان وألان توران و غيرهم .. وقفة المتأمل في حال عالمنا اليوم الذي بات مأزوما و متصدعا على المستويين معا ، النظرية و الواقع ، فنقاد الحداثة الغربية في مجملهم قد أجمعوا على أن عصر الحداثة بكل آلياته الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الثقافية قد انتهى بالعالم إلى : وهدة الخطر ! .
فحينما كتب عالم الاجتماع البولندي سيجموند بومان عن (الحداثة السائلة ) ناقدا تلك الحالة من السيلان الاجتماعي
و الثقافي و السياسي و الاقتصادي التي وصل اليها عصرنا اليَوْم بفعل الحداثة المتأزمة والتي جعلت كل شيء حولنا سائلا ! ، نجد من ناحية محاذية الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورغن هابرماس في نقده للحداثة قد أعلن عن أن مشروع الحداثة ذاك لازال لم يكتمل بعد ! ، ليتفطن العالم على صيحة عالم الاجتماع الألماني أولريش بيك و هو يزجر باحثا عن الأمان المفقود ! من خلال كتابه ( مجتمع المخاطرة العالمي : بحثا عن الأمان المفقود ) .. فنقد الحداثة إذن ترتب عن تلك المخاطر (Risks) و الأخطار ( Dangers) التي أوقعنا في شراكها ذلك العقل الحداثي . بيد أننا أيضا عاكفون من الجهة المقابلة على محاولة فهم و تفسير الواقع المتغير الجديد ، فنقاد الحداثة في وطننا العربي الاسلامي قد عكفوا هم أيضا على محاولة فهم تلك التغيرات الناجمة عن عصر الحداثة و البحث عن مداخل و مفاهيم جديدة لتفسير الواقع الجديد أمثال المفكرة المصرية و أستاذة العلوم السياسية هبة رؤوف عزت التي كتبت ( نحو عمران جديد ) من خلال نقدها للحداثة الغربية و دعوتها الى تحليل الواقع الجديد بمفاهيم إسلامية تعبر عن السياق الزمكاني للظاهرة المجتمعية . في حين نجد المفكر الفلسطيني و الباحث في تاريخ الفكر الاسلامي وائل حلاق يكتب عن ( الدولة المستحيلة ) ناقدًا للحداثة الغربية التي وقفت عثرة في طريق تحقيق الحكم الاسلامي ، كما نجد أيضا المفكر الجزائري و أستاذ علم الاجتماع نور الدين زمام من خلال ما كتب عن ( القوى السياسية و التنمية ) يطرح مدخلا أو مقاربة لفهم و تفسير الواقع الحداثي - السياسي من خلال مفهوم النخبة .. و غيرهم من المفكرين العرب والمسلمين اللذين عكفوا على نقد الحداثة الغربية و طرح مقاربات محلية لفَهْم و تفسير الواقع العربي الاسلامي اليوم .
خاصة و أننا اليوم ، بعد الربيع العربي المزعوم كنقطة انعطاف رسمت خارطة طريق جديدة بتنا نشهد ملامحها عن قرب و من داخل النسق العام ، فإنني من وجهة النظر السوسيولوجيّة أجد أن الأزمة التي تحدثنا عنها مرارا و تكرارا و التي مست النظرية السوسيولوجيّة الحديثة منذ الخمسين سنة الماضية قد لحقتها اليوم أزمة فعلية على مستوى ( التجمع الإنساني ) في حد ذاته ! و هو موضوعنا البارز في علم الاجتماع .
فحينما يتجه العالم نحو رسم خارطة جيو-سياسية جديدة فإن ذلك سيتبعه حتما (حسب ما أراه اليوم كتغير اجتماعي جديد سيستلزم مع الوقت الدراسة و التفسير ) رسم آخر ليس على المستوى الجيوسياسي فحسب و إنما على المستوى الاجتماعي كذلك ، أو دعوني أقولها بلفظة ابن خلدون أي ( على مستوى العمران البشري و التجمع الإنساني ) ، فاليوم نشهد أزمة تجمع إنساني ، كما نشهد ملامح عمران بشري جديد لعب فيه اللجوء السياسي الغير مسبوق كما و نوعا على خلفية الربيع العربي و تدفق أعداد كبيرة جدا من المهاجرين خاصة المشارقة من مناطق تجمعهم الأصلية نحو مناطق جديدة ( أوروبا ، افريقيا ، أمريكا ..) خاصة أوروبا و التي لم تعرف من قبل قط هذا العدد الهائل من المهاجرين فرادى و عائلات بل عشائر بأكملها تجسدت على أرض اوروبا من طوائف مختلفة ، و كل هذا إن استقر بالمكان فترة أطول سيشكل بداية تكوين تجمعات إنسانية صغيرة بمعايير جديدة مختلفة ستلعب فيها الهوية الزمكانية دورا بالغ الأهمية في تشكلها .
فقضية أو أزمة اللاجئين المسلمين اليوم تعد خطرا ( danger) يفتك بالمهاجرين أنفسهم في نسق هوياتهم و ثقافاتهم و معتقداتهم و علاقاتهم و تجمعاتهم الاجتماعية بأنماطها المعيشية ذات الخصوصية ، فهو من أبرز الأخطار الاجتماعية - الثقافية التي تجسدت بفعل : فلسفة المخاطرة الحداثية .
فالمخاطرة ( risk) كسلوك انتهجه الرجل الأبيض بحثا عن اللذة و المنفعة القصوى و تحقيق الربح السريع على حساب الأجيال المقبلة و على حساب الأمن و السلام العالمي الحاضر ، قد أرغمنا على القعود جنبا بجنب اليوم لنحصي مخلفات تلك المخاطرة و المتمثّلة في بعبع الأخطار ( dangers) التي أحاطت بالجنوب و الشمال ، فقرائهم و أغنيائهم على حد سواء ( الكوارث البيئية لاسيما ثقب الأوزون ، تناقص الثروة الباطنية ، الاٍرهاب الدولي ، الحروب الأهلية ، الجوع و الفقر ، الأوبئة و الفيروسات الفتاكة ، الأسلحة الكيمياوية ، التجارب النووية ، تصاعد النعرة القومية و التمييز العرقي ، صناعة التطرّف الديني ، التمزق الهوياتي ...الخ ) .
فعلا ، فعالمنا اليوم بسبب تلك الفلسفة العقلانية للحداثة قد بات مهددا باستمرار و محاطا بجمة من الحالات أصفها ب : التشرد الجسداني ، الضياع الهوياتي ، التوحش السياسي ، البؤس الاقتصادي ..الخ ، و كل تلك أخطار نجمت عن حالة الحداثة التي ننتمي إليها كلنا و لكن بدرجات متفاوتة . حتى أن العقل الاسلامي بات عقلا حداثيًّا ، فالحداثة حالها كالجراد الذي لا يبقي و لا يذر ! ،
و كنت قد طرحت في مقال سابق رؤية في نقد الحداثة بيد أنني لم أنقد الحداثة ذاتها بقدر ما نقدت العقل الاسلامي الحداثي و ذلك بالدعوة إلى ما أسميته ( تنضيد العقل الاسلامي الحداثي ) ، فالعقل الاسلامي قد تبعثرت جزيئاته بفعل احتكاكه بالعقل الحداثي الغربي فأصبح هو الآخر عقلا اسلاميا حداثيًّا ! ، و نحن مسؤولون بالدرجة الأولى عن تشرذم العقل الاسلامي الذي هو خاصتنا ، كما نحن أيضا نتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية عن المخاطر و الأخطار الواقعون فيها لاسيما على المستوى الهوياتي - السيادي . فلذلك أنا لا أقول ولا أجزم أن الحداثة هي المسبب الوحيد أو المسبب الأول و الرئيس في ذلك ، و إنما هي في شمولها لعبت دورا كبيرا في إغراق العالم في فرسخ من المشاكل و الإخفاقات لا حصر لها ، إلا أن الذات أيضا مسؤولة عن ما آل إليه العالم اليوم ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم 41 . و عليه أقول أن الذات الاسلامية هي أيضا تتحمل اليوم نصيبا من المسؤولية إزاء إخفاقات هذا العالم المأزوم محليا و عالميا معا ، فكلنا داخل هذا النسق الحداثي شركاء في : صناعة الخطر .
د/ لبنى لطيف
لماذا نقد الحداثة ؟
هكذا أبدأ مقالي بسؤال ، الإجابة عنه ستوضح بجلاء أهمية وجود ما يسمى بعلم اجتماع المخاطر ليعكف على فهم وتفسير هذا العالم المأزوم ، عالمنا اليوم ! .
فلماذا إذن نقد الحداثة ؟ ، و لماذا الحديث عن ما بعد الحداثة ؟! ، ولماذا يصر البعض على إقناع الآخرين بأنهم يعيشون اليوم عصر المابعديات ؟ وهل ( ما بعد ) تعني الاستمرارية مع المراجعة أم القطيعة مع التراجع أم تعني الندية والضدية والعداوة الفكرية ؟! .. فرغم التساؤلات الكثيرة التي قد نطرحها هنا إلا أننا على قناعة جميعنا بأن نقد الحداثة جاء كرد فعل على تلك الممارسات الخاطئة والمغامرة للإنسان الحداثي والمبنية على فلسفة ( المخاطرة ) ، ما أفضى إلى نتائج ( خطيرة ) متجسدة في شتى ( الأخطار ) المحلية و العالمية ، جعلت سمة عصرنا اليوم هي : الخطر المحتوم و الأمان المفقود ! .
إذ وقف الكثير من النقاد السياسيين والمفكرين ومنظري مابعد الحداثة أمثال يورغن هابرماس و نعوم تشومسكي و سيجموند بومان وأولريش بيك وأنتوني جيدنز ونيكلاس لومان وألان توران و غيرهم .. وقفة المتأمل في حال عالمنا اليوم الذي بات مأزوما و متصدعا على المستويين معا ، النظرية و الواقع ، فنقاد الحداثة الغربية في مجملهم قد أجمعوا على أن عصر الحداثة بكل آلياته الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الثقافية قد انتهى بالعالم إلى : وهدة الخطر ! .
فحينما كتب عالم الاجتماع البولندي سيجموند بومان عن (الحداثة السائلة ) ناقدا تلك الحالة من السيلان الاجتماعي
و الثقافي و السياسي و الاقتصادي التي وصل اليها عصرنا اليَوْم بفعل الحداثة المتأزمة والتي جعلت كل شيء حولنا سائلا ! ، نجد من ناحية محاذية الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورغن هابرماس في نقده للحداثة قد أعلن عن أن مشروع الحداثة ذاك لازال لم يكتمل بعد ! ، ليتفطن العالم على صيحة عالم الاجتماع الألماني أولريش بيك و هو يزجر باحثا عن الأمان المفقود ! من خلال كتابه ( مجتمع المخاطرة العالمي : بحثا عن الأمان المفقود ) .. فنقد الحداثة إذن ترتب عن تلك المخاطر (Risks) و الأخطار ( Dangers) التي أوقعنا في شراكها ذلك العقل الحداثي . بيد أننا أيضا عاكفون من الجهة المقابلة على محاولة فهم و تفسير الواقع المتغير الجديد ، فنقاد الحداثة في وطننا العربي الاسلامي قد عكفوا هم أيضا على محاولة فهم تلك التغيرات الناجمة عن عصر الحداثة و البحث عن مداخل و مفاهيم جديدة لتفسير الواقع الجديد أمثال المفكرة المصرية و أستاذة العلوم السياسية هبة رؤوف عزت التي كتبت ( نحو عمران جديد ) من خلال نقدها للحداثة الغربية و دعوتها الى تحليل الواقع الجديد بمفاهيم إسلامية تعبر عن السياق الزمكاني للظاهرة المجتمعية . في حين نجد المفكر الفلسطيني و الباحث في تاريخ الفكر الاسلامي وائل حلاق يكتب عن ( الدولة المستحيلة ) ناقدًا للحداثة الغربية التي وقفت عثرة في طريق تحقيق الحكم الاسلامي ، كما نجد أيضا المفكر الجزائري و أستاذ علم الاجتماع نور الدين زمام من خلال ما كتب عن ( القوى السياسية و التنمية ) يطرح مدخلا أو مقاربة لفهم و تفسير الواقع الحداثي - السياسي من خلال مفهوم النخبة .. و غيرهم من المفكرين العرب والمسلمين اللذين عكفوا على نقد الحداثة الغربية و طرح مقاربات محلية لفَهْم و تفسير الواقع العربي الاسلامي اليوم .
خاصة و أننا اليوم ، بعد الربيع العربي المزعوم كنقطة انعطاف رسمت خارطة طريق جديدة بتنا نشهد ملامحها عن قرب و من داخل النسق العام ، فإنني من وجهة النظر السوسيولوجيّة أجد أن الأزمة التي تحدثنا عنها مرارا و تكرارا و التي مست النظرية السوسيولوجيّة الحديثة منذ الخمسين سنة الماضية قد لحقتها اليوم أزمة فعلية على مستوى ( التجمع الإنساني ) في حد ذاته ! و هو موضوعنا البارز في علم الاجتماع .
فحينما يتجه العالم نحو رسم خارطة جيو-سياسية جديدة فإن ذلك سيتبعه حتما (حسب ما أراه اليوم كتغير اجتماعي جديد سيستلزم مع الوقت الدراسة و التفسير ) رسم آخر ليس على المستوى الجيوسياسي فحسب و إنما على المستوى الاجتماعي كذلك ، أو دعوني أقولها بلفظة ابن خلدون أي ( على مستوى العمران البشري و التجمع الإنساني ) ، فاليوم نشهد أزمة تجمع إنساني ، كما نشهد ملامح عمران بشري جديد لعب فيه اللجوء السياسي الغير مسبوق كما و نوعا على خلفية الربيع العربي و تدفق أعداد كبيرة جدا من المهاجرين خاصة المشارقة من مناطق تجمعهم الأصلية نحو مناطق جديدة ( أوروبا ، افريقيا ، أمريكا ..) خاصة أوروبا و التي لم تعرف من قبل قط هذا العدد الهائل من المهاجرين فرادى و عائلات بل عشائر بأكملها تجسدت على أرض اوروبا من طوائف مختلفة ، و كل هذا إن استقر بالمكان فترة أطول سيشكل بداية تكوين تجمعات إنسانية صغيرة بمعايير جديدة مختلفة ستلعب فيها الهوية الزمكانية دورا بالغ الأهمية في تشكلها .
فقضية أو أزمة اللاجئين المسلمين اليوم تعد خطرا ( danger) يفتك بالمهاجرين أنفسهم في نسق هوياتهم و ثقافاتهم و معتقداتهم و علاقاتهم و تجمعاتهم الاجتماعية بأنماطها المعيشية ذات الخصوصية ، فهو من أبرز الأخطار الاجتماعية - الثقافية التي تجسدت بفعل : فلسفة المخاطرة الحداثية .
فالمخاطرة ( risk) كسلوك انتهجه الرجل الأبيض بحثا عن اللذة و المنفعة القصوى و تحقيق الربح السريع على حساب الأجيال المقبلة و على حساب الأمن و السلام العالمي الحاضر ، قد أرغمنا على القعود جنبا بجنب اليوم لنحصي مخلفات تلك المخاطرة و المتمثّلة في بعبع الأخطار ( dangers) التي أحاطت بالجنوب و الشمال ، فقرائهم و أغنيائهم على حد سواء ( الكوارث البيئية لاسيما ثقب الأوزون ، تناقص الثروة الباطنية ، الاٍرهاب الدولي ، الحروب الأهلية ، الجوع و الفقر ، الأوبئة و الفيروسات الفتاكة ، الأسلحة الكيمياوية ، التجارب النووية ، تصاعد النعرة القومية و التمييز العرقي ، صناعة التطرّف الديني ، التمزق الهوياتي ...الخ ) .
فعلا ، فعالمنا اليوم بسبب تلك الفلسفة العقلانية للحداثة قد بات مهددا باستمرار و محاطا بجمة من الحالات أصفها ب : التشرد الجسداني ، الضياع الهوياتي ، التوحش السياسي ، البؤس الاقتصادي ..الخ ، و كل تلك أخطار نجمت عن حالة الحداثة التي ننتمي إليها كلنا و لكن بدرجات متفاوتة . حتى أن العقل الاسلامي بات عقلا حداثيًّا ، فالحداثة حالها كالجراد الذي لا يبقي و لا يذر ! ،
و كنت قد طرحت في مقال سابق رؤية في نقد الحداثة بيد أنني لم أنقد الحداثة ذاتها بقدر ما نقدت العقل الاسلامي الحداثي و ذلك بالدعوة إلى ما أسميته ( تنضيد العقل الاسلامي الحداثي ) ، فالعقل الاسلامي قد تبعثرت جزيئاته بفعل احتكاكه بالعقل الحداثي الغربي فأصبح هو الآخر عقلا اسلاميا حداثيًّا ! ، و نحن مسؤولون بالدرجة الأولى عن تشرذم العقل الاسلامي الذي هو خاصتنا ، كما نحن أيضا نتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية عن المخاطر و الأخطار الواقعون فيها لاسيما على المستوى الهوياتي - السيادي . فلذلك أنا لا أقول ولا أجزم أن الحداثة هي المسبب الوحيد أو المسبب الأول و الرئيس في ذلك ، و إنما هي في شمولها لعبت دورا كبيرا في إغراق العالم في فرسخ من المشاكل و الإخفاقات لا حصر لها ، إلا أن الذات أيضا مسؤولة عن ما آل إليه العالم اليوم ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم 41 . و عليه أقول أن الذات الاسلامية هي أيضا تتحمل اليوم نصيبا من المسؤولية إزاء إخفاقات هذا العالم المأزوم محليا و عالميا معا ، فكلنا داخل هذا النسق الحداثي شركاء في : صناعة الخطر .
د/ لبنى لطيف
السبت 04 سبتمبر 2021, 00:48 من طرف abou jumana
» المواطنة في زمن كورونا بالمغرب -بقلم ذ,عبد الواحد المالكي
الأربعاء 28 يوليو 2021, 19:24 من طرف Admin
» من عمق الواقع بقلم أميمة لقنيني
الأربعاء 26 أغسطس 2020, 17:27 من طرف Admin
» نظرية التبادل الاجتماعي بقلم نور الصباح بو_ من الجزائر
الثلاثاء 07 يوليو 2020, 21:53 من طرف Admin
» الدين والسياسة :جدلية الاتصال والانفصال - بقلم عبد الواحد المالكي
السبت 05 أكتوبر 2019, 19:10 من طرف Admin
» سوسيولوجيا الثقافة
الإثنين 19 أغسطس 2019, 13:57 من طرف Admin
» رابط تحميل الويندوز sp3+ clé d'activation
الإثنين 19 أغسطس 2019, 13:45 من طرف Admin
» سوسيولوجيا التربية
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 17:39 من طرف Admin
» النظرية الصراعية والوظيفية في علم الاجتماع
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 17:26 من طرف Admin
» المنهج السيميائي
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 17:08 من طرف Admin
» المنهج البنيوي ،جذوره ومفاهيمه
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 17:06 من طرف Admin
» دور كايم (إميل ) 1917-1858
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 13:56 من طرف Admin
» علم اجتماع التنمية
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 00:42 من طرف Admin
» نقد الحداثة بعيون علم اجتماع المخاطر
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 00:22 من طرف Admin
» الأنثروبولوجيا . ما هو ؟ وما أهميته؟
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 00:14 من طرف Admin
» التعريف بعلم النفس
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 00:10 من طرف Admin
» نبذة مختصرة حول أوجست كونت
الأربعاء 14 أغسطس 2019, 00:04 من طرف Admin
» بحث حول المدرسة
الأربعاء 18 أبريل 2018, 17:24 من طرف Admin
» الاقتصاديات العربية و التنمية المعطوبة.
الأربعاء 18 أبريل 2018, 17:00 من طرف Admin
» رابط موقع تعليمي خاص بجميع الأسلاك التعليمية
الخميس 24 أغسطس 2017, 15:44 من طرف Admin
» الجدول الصيني لمعرفة نوع الجنين بالميلادي
الأحد 30 يوليو 2017, 01:04 من طرف hakima123
» كيف تصبح أستاذا في خمسة أيام ؟
الأربعاء 26 يوليو 2017, 17:07 من طرف Admin
» تحميل برنامج الكتابة على الفيديو
الجمعة 14 يوليو 2017, 22:40 من طرف Admin
» فرض في مادة الرياضيات - المستوى 4 - المرحلة 4
الجمعة 14 يوليو 2017, 22:31 من طرف Admin
» ملخص نظريات سوسيولوجية معاصرة -لطلبة علم الاجتماع
الثلاثاء 30 مايو 2017, 06:23 من طرف Admin
» ملخض سوسيولوجيا التنظيمات لطلبة السنة الأولى علم اجتماع- الفصل 2
الثلاثاء 30 مايو 2017, 06:16 من طرف Admin
» رابط ملخصات مهمة لمحاضرات في علم اجتماع السكان
الأربعاء 05 أبريل 2017, 01:10 من طرف Admin
» صفحة الموقع على الفايسبوك
الخميس 30 مارس 2017, 17:12 من طرف Admin
» espace associatif d'échange et de partage
الأحد 05 فبراير 2017, 01:26 من طرف Admin
» الفلسفة في مواجهة الأسطورة لجون بيير فيرنان
الأربعاء 04 يناير 2017, 23:35 من طرف Admin
» نبذة مختصرة حول علم الإجتماع
الأربعاء 04 يناير 2017, 23:30 من طرف Admin
» إعلان هام للأساتذة:دورة تكوينية عن بعد حول" المعالجة البيداغوجية "لمديرية جيني
الإثنين 05 ديسمبر 2016, 02:41 من طرف Admin
» ما المقصود بعلم الإجتماع ؟
الجمعة 02 ديسمبر 2016, 22:12 من طرف Admin
» نبش في مسار المرصد المدني لحقوق الإنسان بآسفي
الأربعاء 30 نوفمبر 2016, 19:40 من طرف Admin
» ضمانات التأديب و شروط الطعن الإداري
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:25 من طرف Admin
» العقوبات التأديبية
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:23 من طرف Admin
» أحقية الاستفادة من السكن الإداري
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:20 من طرف Admin
» الإطلاع على نقطة الامتحان المهني
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:19 من طرف Admin
» توقيع النشرات و المذكرات
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:17 من طرف Admin
» مراسلة الإدارة
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:15 من طرف Admin
» الطعن في النقطة الإدارية
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:13 من طرف Admin
» ضمانات الموظف في مجال الترقية
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:11 من طرف Admin
» توزيع تلاميذ معلم متغيب على باقي الأقسام
الأربعاء 16 نوفمبر 2016, 09:09 من طرف Admin
» آداب الطريق
السبت 15 أكتوبر 2016, 09:14 من طرف Admin
» أهمية العلم في حياة الفرد و المجتمع
السبت 15 أكتوبر 2016, 09:04 من طرف Admin
» ما أهمية الصدق
السبت 15 أكتوبر 2016, 09:01 من طرف Admin
» كلام في الخيانة
السبت 15 أكتوبر 2016, 08:58 من طرف Admin
» كلام في الخيانة
السبت 15 أكتوبر 2016, 08:57 من طرف Admin
» ما أهمية الوفاء
السبت 15 أكتوبر 2016, 08:54 من طرف Admin
» معنى الوفاء
السبت 15 أكتوبر 2016, 08:51 من طرف Admin
» التقويم التشخيصي لجميع المستويات
الأربعاء 28 سبتمبر 2016, 12:53 من طرف Admin
» برامج تعليمية حول العمليات الأربع
الثلاثاء 23 أغسطس 2016, 20:27 من طرف Admin
» منهجية اللغة العربية لجميع مستويات التعليم الإبتدائي
الثلاثاء 23 أغسطس 2016, 11:10 من طرف Admin
» 50phrases pour communiquer en cours de langue
الإثنين 22 أغسطس 2016, 13:37 من طرف Admin
» روابط ثمانية مواقع للتتكوين عن بعد مجانا
الإثنين 22 أغسطس 2016, 13:02 من طرف Admin
» رابط برنامج تعلمي بالفرنسية لتلاميذ المستوى الرابع
الأربعاء 06 يوليو 2016, 03:40 من طرف Admin
» صدور مذكرة الإمتحان المهني شتنبر 2016
الخميس 30 يونيو 2016, 18:36 من طرف Admin
» le lien d'un quiz pédagogique
الإثنين 27 يونيو 2016, 23:20 من طرف Admin
» صناعة الصور المتحركة
الإثنين 27 يونيو 2016, 20:33 من طرف Admin
» vidéo faite par camtasia
الأربعاء 22 يونيو 2016, 21:21 من طرف Admin
» not stop formation des enseignants
السبت 18 يونيو 2016, 00:46 من طرف Admin
» un bon site pour les profs à ne pas rater
الجمعة 17 يونيو 2016, 22:38 من طرف Admin
» تعريف الوضعية المشكلة و كيفية توظيفها بالممارسة الصفية
الجمعة 17 يونيو 2016, 21:50 من طرف Admin
» الامتحان المهني 2016 م
الثلاثاء 14 يونيو 2016, 21:06 من طرف Admin
» تكنولوجيا التعليم
الثلاثاء 14 يونيو 2016, 20:58 من طرف Admin
» رابط موقع سيعجبكم
الأحد 12 يونيو 2016, 17:25 من طرف Admin
» فرصة أخرى للهجرة الشرعية إلى كندا
الأربعاء 08 يونيو 2016, 19:34 من طرف Admin
» site du soutien libre en français
الأربعاء 01 يونيو 2016, 00:35 من طرف Admin
» site de communication
الأربعاء 01 يونيو 2016, 00:31 من طرف Admin
» les principales fonctions de l'évaluation en éducation
الثلاثاء 24 مايو 2016, 15:03 من طرف Admin
» قصيدة أمير الشعراء "قم للمعلم و فه التبجيلا" كاملة
الخميس 12 مايو 2016, 19:11 من طرف Admin
» النتائج النهائية لامتحانات الكفاءة المهنية برسم سن .. - 7 ماي 2016 م
الأحد 08 مايو 2016, 00:37 من طرف Admin
» عناوين أبرز الصحف الصادرة اليوم الجمعة 6 ماي 2016 م
الجمعة 06 مايو 2016, 14:39 من طرف Admin
» الجديد عن الامتحان المهني 2015 م
الجمعة 06 مايو 2016, 02:05 من طرف Admin
» سبب تأخر نتائج الامتحان المهني دورة شتنبر 2015
الأربعاء 04 مايو 2016, 22:25 من طرف Admin
» Les 10 règles pour arrêter de fumer
الأربعاء 04 مايو 2016, 21:52 من طرف Admin
» توضيع حول سبب تأجيل الوقفة الإحتجاجية التي أعلنها سكان المناقرة الحدادة أمام وكالة توزيع الكهرباء و الجماعة المحلية
الأربعاء 04 مايو 2016, 21:14 من طرف Admin
» عناوين جمعيات مغربية ذوي الاحتياجات الخاصة
الثلاثاء 26 أبريل 2016, 22:23 من طرف Admin
» رابط موقع مديرية سيدي بنور
الثلاثاء 26 أبريل 2016, 15:16 من طرف Admin
» رابط تحميل منتدى مربي اللأجيال
الأحد 24 أبريل 2016, 23:28 من طرف Admin
» صدور مذكرة الوزارية 20 أبريل 2016 - الحركة الانتقالية
الأربعاء 20 أبريل 2016, 23:42 من طرف Admin
» لا تبق مجرد زائر فقط
الثلاثاء 19 أبريل 2016, 01:36 من طرف Admin
» pour développer votre niveau en français
الأحد 17 أبريل 2016, 21:36 من طرف Admin
» عناوين جمعيات فرنسية
الأحد 17 أبريل 2016, 15:25 من طرف Admin
» فيديو نشيد عليك مني السلام
الجمعة 15 أبريل 2016, 21:53 من طرف Admin
» شروط الاستفادة من الخدمات
الخميس 14 أبريل 2016, 01:55 من طرف Admin
» حقوق الملكية الفكرية لمؤسس منتدى مربي الأجيال
الخميس 14 أبريل 2016, 01:50 من طرف Admin
» un proverbe français
الخميس 14 أبريل 2016, 00:48 من طرف Admin
» site de proverbes français
الخميس 14 أبريل 2016, 00:22 من طرف Admin
» موقع تعلم اللغة الإنجليزية بالصوت
الأربعاء 13 أبريل 2016, 22:46 من طرف Admin